نداء إلى الشعب الفلسطيني للتحرر من قيود مدريد-أوسلو والنضال من أجل التحرير والعودة
ائتلاف حق العودة (بيان)
Click here for this statement in English
يدعو “ائتلافُ حق العودة” إلى إعادة تثبيت الميثاق الوطنيّ الفلسطينيّ كاملًا، وإلى تحرير النضال الفلسطينيّ من قيود عمليّة مدريد-أوسلو مرّةً وإلى الأبد.
لقد كان الميثاق نتاجَ الشعب الفلسطينيّ والثورة الفلسطينيّة، وهدف إلى تمثيل آمال الفلسطينيّين على امتداد العالم، في الوطن وفي المنفى. وجرى تطبيقُه من خلال بناء مؤسّساتٍ ديمقراطيّةٍ شعبيّة، قادرةٍ على حشد طاقات الشعب الفلسطينيّ والتزامه وتفانيه في تحقيق العودة والتحرير.
غير أنّ هذه المؤسّسات الفلسطينيّة اختطفتْها وصادرتْها “قيادةٌ” مزعومةٌ قَدّمتْ، مرارًا وتكرارًا، الغطاءَ والدعمَ للاستعمار الاستيطانيّ الصهيونيّ، بدلًا من أن تجنّد الشعبَ الفلسطينيَّ للمقاومة. لا نستطيع، بعد اليوم، أن نَدعم أو أن نَقبل الانحلالَ التامَّ لمبادئنا الديمقراطيّة ولــميثاقنا الوطنيّ.[1] في هذا المنعطف الحسّاس من تاريخ الشعب الفلسطينيّ، آن أوانُ اتّخاذ الموقف الحاسم.
السلطة الفلسطينية كانت، وما تزال، كارثةً مطلقةً على القضيّة الفلسطينيّة. وقد حان الوقتُ لإزاحة إرث مدريد-أوسلو وكامل ما يُسمّى “عمليّة السلام” مرّةً وإلى الأبد. كما نطالب الإستقالة الفوريّة للجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة، ونرفض بحزمٍ السلطةَ الفلسطينيّةَ وكافّة مؤسّساتها الأمنيّة والسياسيّة، فضلًا عن سياستها الخارجيّة، وجميعُها حصيلة مسار مدريد-أوسلو، وقد أخفقتْ إخفاقًا ذريعًا؛ بل الحقّ أنّها لم تؤدِّ قطّ إلى حماية أرواح الشعب الفلسطينيّ ولا إلى صون أرضِه ومطامحه.
على إثر وفات صائب عريقات، والاستقالة المعلنة لحنان عشراوي، توجّه الاهتمامُ من جديدٍ إلى “امتصاص” السلطة الفلسطينيّة للجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير، وذلك على حساب الشعب الفلسطينيّ. بعد ثلاثين عامًا من الشلل غير المرئيّ لهذه اللجنة، يجري تذكيرُنا اليومَ بوجودها، وبحقيقة أنّها لم تفعل شيئًا من أجل تحرير فلسطين أو لحماية شعبنا من الاعتداءات اليوميّة التي تقوم بها القوّاتُ الصهيونيّةُ منذ توقيع استسلام أوسلو.
بعد حوالي ثلاثين عامًا، وبعد أن تبيّنتْ بوضوحٍ تامّ أمام الملأ نتائجُ مسار مدريد-أوسلو، حان الوقتُ لقلب هذا المسار الخيانيّ. لقد استطاع الشعبُ الفلسطينيّ وحركتُه الشعبيّةُ والثوريّةُ بناءَ المدارس، واتحاداتِ المرأة، والتنظيماتِ العمّاليّة، والحركاتِ الطلّابيّة، وديناميّات التنمية الاقتصادية ذات الاكتفاء الذاتيّ، غير أنّ السلطة الفلسطينيّة صادرتْها جميعَها وقمعتْها، وأُحِلّ محلَّها منذ أوسلو الاعتمادُ على هِبات المنظّمات غير الحكوميّة. غالبيّةُ الشعب الفلسطينيّ، أي اللاجئون الفلسطينيّون الذين يناضلون من أجل حقّ العودة الذي حُرِموه منذ أكثر من 72 سنة، استُبعِدتْ من تقرير مصيرها السياسيّ. واليوم، نجد دعوةً إلى “انتخابات” السلطة الفلسطينيّة من أجل تشريع القيادة الفلسطينيّة الرسميّة التي كانت وما تزال جزءًا رئيسًا من هذه العمليّة التدميريّة.
نحن نعلم أنْ لا ديمقراطيّة تحت الاستعمار والفصل العنصري (الأبارتايد) والاحتلال العسكريّ. وهذا ما تبيّنُه الدروسُ المرّةُ في تاريخ الجزائر والهند وجنوب افريقيا وقسمٍ كبيرٍ من أميركا اللاتينيّة. وقد آظهر استطلاعٌ أجراه في كانون الأول (ديسمبر) 2020 أحد المراكز الفلسطينيّة أنّ 52 % من الفلسطينيّين في الضفّة الغربيّة يعتقدون أنّ الانتخابات في ظلل الأوضاع الراهنة لن تكون حرّةً ونزيهة. [2] لا يمكن أن يكون هناك تمثيلٌ فلسطينيٌّ في ظلّ “حُكم” خاضع للاحتلال الاستعماريّ و”التنسيق الأمنيّ،” ولا يمكن أن تكون هناك تنميةٌ فلسطينيّة ذات معنًى تحت وطأة شروط الجهات المانحة والتبعيّة لها.
غير أنّ ثمةَ خيارًا بديلًا للمسار المدمِّر والخيانيّ الذي تسلكه السلطةُ الفلسطينيّةُ والحكمُ الاستبداديُّ الفاسد لمحمود عبّاس. وهذا الخيار هو إعادةُ بناء مؤسّساتنا الفلسطينيّة الشعبيّة في إطار الميثاق الوطنيّ الفلسطينيّ بعد إعادة تثبيته كاملًا، و بعد إعادة إدراج كلّ البنود المحذوفة، في وصفه إطارًا للنضال من أجل تحرير فلسطين وعودة الشعب الفلسطينيّ. وهذا الخيار يشمل أيضًا تأكيدَ المقاومة الفلسطينيّة للاستعمار الصهيونيّ بدلًا من “التنسيق الأمنيّ” و”قوات الأمن المشتركة” مع الاحتلال الإسرائيليّ تحت الرعاية الأميركيّة والأوروبيّة.
إنّ الانتخابات الشرعيّة الوحيدة ليست تلك التي تجري برعاية أوسلو والسلطة الفلسطينيّة الخائنة وتحت بنادق المحتلّ. في كلّ فلسطين وفي المنفى، هناك فلسطينيّون في المؤسّسات الشعبيّة الفلسطينيّة ينبغي انتخابُهم في مجلس وطنيّ فلسطينيّ جديد مبنيّ على قاعدة ديمقراطيّة غير إقصائيّة. هذا المجلسُ الوطنيّ الفلسطينيّ المنتخَب الجديد قد يُشرف على اللجنة التنفيذيّة الجديدة لمنظّمة التحرير ويُخضعها للمحاسبة على أساس الميثاق الوطنيّ الفلسطينيّ المُثبت الكامل من جديد. إنّ إعادةَ تثبيت الميثاق بالكامل، وإعادةَ تثبيت سلطة الاتحادات الشعبيّة الفلسطينيّة، ينبغي أن تكونا أولويّةً من أجل تحرير القضيّة الفلسطينيّة من السلطة الفلسطينيّة، التي وُلدتْ في الأصل لتكون أداةً أمنيّةً في يد الاستعمار الصهيونيّ.
إنّ تصفية منظّمة التحرير الفلسطينيّة وإحلالَ السلطة الفلسطينيّة الاستعماريّة الجديدة محلَّها سهّلا المحاولةَ التي قادتْها الولاياتُ المتحدة لإجبار أنظمة رجعيّة عربيّة إضافيّةٍ على التطبيع مع العدوّ الصهيونيّ. فبالإضافة إلى النظاميْن الأردنيّ واالمصريّ اللذيْن تخلّيا عن فلسطين منذ البداية، جاءت أنظمةُ البحرين والإمارات العربيّة المتحدة والسودان والمغرب لاحقًا لتحذو حذوَهما. واليوم، يَشنّ السيّاحُ من دبي وأبو ظبي حربًا نفسيّةً ضدّ حركة المقاطعة العالميّة (BDS) من خلال الاحتفال مع المستعمِرين في القدس وتل أبيب. وفي هذا الوقت يعاني قطاعُ غزّة خمسةَ عشرَ عامًا من الحصار والتجويع الوحشيّيْن بسبب التنسيق العسكري المصريّ-الصهيونيّ.
ضمن هذا السياق، ينبغي أن نلحظَ أهمّيّة تنظيم الجالية الفلسطينيّة في الولايات المتحدة، اإلى جانب الشعب الفلسطينيّ في كلّ مكان آخر في العالم، من أجل الدفاع عن الحقوق الفلسطينيّة كاملةً وإعادة تثبيت الميثاق ومؤسّسات الشعب الفلسطينيّ الشعبيّة. الحكومة الأميركيّة تقدّم ما قيمتُه 3.8 مليار دولار سنويًّا من السلاح إلى الكيان الصهيونيّ، في حين تتعرّض الجاليةُ الفلسطينيّةُ في الولايات المتحدة للقمع والتجسس والاعتداء. في هذه الأثناء نجد السلطةَ الفلسطينيّة والقيادةَ المزعومة للّجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة تسعيان إلى كسب رضا القوى الإمبرياليّة المسؤولة عن تسليح جيش الاحتلال وعن سيطرته الاستعماريّة وتوسّعها وتفوّقها الإستراتيجيّ الإقليميّ.
إنّ “ائتلاف حقّ العودة” يدعو كلَّ الفلسطينيّين في الضفّة الغربيّة، وفي غزّة، وفي فلسطين المحتلّة عام 1948، وفي مخيّمات اللاجئين، وفي المنافي على امتداد أوروبا والأميركتيْن وآسيا وأفريقيا، إلى المطالبة بالاستقالة الفوريّة للّجنة التنفيذيّة الاستبداديّة لمنظّمة التحرير، واإلى الرفض غير المشروط للسلطة الفلسطينيّة الاستعماريّة الجديدة، وإلى حلّ كلّ المؤسّسات التي نبعتْ من مسار مدريد-أوسلو.
لا شعبَ تحت الاحتلال توصّل إلى نيل حرّيّته باستجداء قامعيه، أو حقّق العدالةَ بالاتحاد مع نزعة التفوّق العِرقيّة أو مع الصهيونيّة. وليس الشعبُ الفلسطينيُّ استثناءً، خصوصًا أنّنا نخضع لإبادةٍ متواصلة.
الحرّيّة لكلّ شعبنا تحت الاحتلال. الحريّة لكلّ شعبنا في غزّة تحت الحصار الصهيونيّ والمتعاونين معه. الحريّة لكامل شعبنا في الأراضي المحتلّة عام 1948 الذين يعانون الذلَّ والتمييزَ بشكلٍ يوميّ. الحريّة والعودة لكلّ اللاجئين والمنفيّين. فليسقطْ حكمُ الأبارتايد. فليسقط الاحتلال. فليَسقط الاستعمار الاستيطانيّ.
سننتصر.
معًا حتى التحرير والعودة.
ائتلاف حق العودة
23-1-2021
[1] هناك 14 مادّةً في الميثاق الوطنيّ الفلسطينيّ أزالها المحتلّون الصهاينة وصوّتتْ عليها، كما يُفترض منظّمةُ التحرير الفلسطينيّة. وهذه الموادّ تتعلق بـ: الكفاح المسلّح؛ والعلاقة الروحيّة والوطنيّة بين الشعب الفلسطيني وأرض فلسطين؛ وأيّ إشارة الى حقبة التحرّر الوطنيّ في مسيرة الشعب الفلسطينيّ؛ وحشد الثروة والقوة الوطنية والقوميّة العربيّة من أجل دعم برنامج تحرير الشعب الفلسطينيّ؛ والإشارة إلى الوحدة العربيّة؛ وخلق وتعزيز ثقافة حرب العصابات الفلسطينيّة؛ والتهديدات التي يشكّلها الاحتلالُ الصهيونيّ للشعوب العربيّة؛ والإشارة إلى لاشرعيّة وعد بلفور والتقسيم التالي لفلسطين؛ والاعتراض على أن تكون فلسطينُ وطنَ اليهود في العالم؛ وتمثيل الشعب الفلسطينيّ على امتداد العالم وتنفيذ خطّة تعويض.
[2] Al Jazeera, January 17, 2021 – Uncertainty as Palestine’s Abbas announces elections.